
شكل موضوع “الثقافة جسر للسلام بين الأمم” محور أولى الندوات الفكرية المبرمجة في إطار الدورة الحادية عشر لمهرجان ثويزا المنظم ما بين 22 و26 يوليوز الجاري تحت شعار “الثقافة إكسير الحياة”.
المتدخلون في هذه الندوة اجمعوا على أهمية الثقافة كألية ديبلوماسية قوية وفعالة في العلاقات الدولية. وقد استندت المداخلات في تأكيد هذا البعد الاستراتيجي للثقافة إلى عدة أمثلة من ماضي وراهن العديد من الدول، معتبرين أن هذه الواجهة في تدبير العلاقات بين الدول والشعوب تكتسي من القوة أكثر بكثير مما تكتسيه القدرات العسكرية بالنظر إلى كون تأثير الهيمنة العسكرية لا يطول القيم ومنظومة سلوك الأفراد والجماعات في المجتمعات الخاضعة للهيمنة عن طريق الإكراه المادي، وبالتالي يبقى دوامه قصير المدى، في حين أن الهيمنة الثقافية، كقوة ناعمة، تستطيع احتواء وتغيير منظومة القيم للمجتمعات بصفة دائمة. وقد تمت الإشارة في هذا السياق إلى بعض الأمثلة من واقع العلاقات الدولية، حيث أورد الدكتور الإدريسي أن الرئيس الأمريكي قال في إحدى تصريحاته أن أمريكا انتصرت على الشيوعية بالثقافة والديبلوماسية وليس بالقوة، كما أن شعوب الماغول والتتار تم احتواؤهم من طرف الثقافة الإسلامية رغم جبروتهم العسكري الذي مكنهم من احتلال أراضي شاسعة من الإمبراطورية الإسلامية.
وقد سجل المحاضرون أن راهن العلاقات الدولية يتميز بغياب شبه كلي للحوار للدبلوماسية الثقافية بين الدول من أجل إرساء السلم والتعايش بين الشعوب، بل على العكس من ذلك يبقى منطق القوة والهيمنة هو السائد في تدبير هذه العلاقات رغم انتشار تداول “الدبلوماسية والحوار الثقافيين” كشعار داخل المنتظم الدولي بل وحتى داخل الوطن الواحد. وخلصت المداخلات إلى أنه بدون عدالة اجتماعية وبدون مواطنة حقيقية تنتفي شروط الديبلوماسية الثقافية والتعدد واحترام الحق في الاختلاف، وبالتالي تصير ثقافة الأقوى اقتصاديا وعسكريا هي السائدة والجديرة بالاحترام.