بدأ بقضايا متباعدة من حيث التيمات، لكتاب ولدوا أيام الإستعمار، فمنهم من تجنب السياسة، محاولا تسويق صور محكومة بالأنتروبولوجي، خدمة لنظرة التعالي الغربي، الفرنسي خصوصا، أماالثاني، فقد انحاز بالأدب للسياسة، هنا ترسخ في الفكر الفرنسي هذا الحكم، إلى أن انبعثت كتابات أخرى، لجيل ما بعد الإستعمار، فكان ضروريا له، حفظ تميزه بتيمات أخرى، تنهل إبداعيا مما يعرف بالرواية الجديدة. سوف أتناول أحد المعبرين عنها روائيا، و هو الصديق رشيد خالص. 1 جاء رشيد خالص إلى الرواية من تجربتين، الشعر و التشكيل، فكان منطقيا أن يراهن عن الأبعاد الجمالية، في اللغة و الصورة، بحيث تجد أن لغته، بل أقول لغاته، تحتاج قراءة لنفس شعري، لها تموجات، تدفع نحو تخيل للمغربي بلغة فرنسية، تزخر بمجهود فائق لإيصال المعنى بلغة الآخر، بدون أن تتشوه الصورة، أوتنحرف عن مقاصدها الجمالية، وغنى دلالاتها، وهنا كانت التجربة غنية، بل ممزقة لما اعتاد الفرنسيون قراءته في الأدب المغربي، المكتوب بالفرنسية، إذ تجد التاريخي المغربي، يحاصرالدلالات، يدفعها للبوح بالحنين للأم، بدون تعارض بين الأمومة الغربية و الشرقية كما صورت من ذي قبل. اكتشفت ذلك من خلال رواية، لأجل أن يحب الله لولو، حيث تعترف اللغة بقدرتها على إعلان المشترك، عاطفيا، بدون أن تجعل التاريخ المغربي، مغتربا عن شخوصه حتى عندما يكونون أجانب، وهي عملية صعبة، يدركها المشتغلون في الرواية أكثر من النقاد، لكأن الحب تاريخ عميق في النفس البشرية وإن اختلفت الحضارات في تصويره، صدقا و غايات. هنا تخلص الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية من رهانات السابقين، و خلق أفق انتظار جديد. 2 أما رواية الحب المطلق أو مطلق الحب كما أزعم تعريبا ، لا ترجمة، فقد خلق بها رشيد خالص، عالمه الخاص، حول الجسد أولا، وأثثه بمعرفة حول التشكيل في صيغه المتمردة على نظريات الرسم، بما سعى إليه من خلال إعادة تصوير الجسد، ليبدو متكلما عن ذاته بدون توسطات نظرية، رسخها التشكيل الغربي أيام النهضة الأروبية، وصار في سياقه الأدب المغربي، تشكيلا وحتى رواية، لكن الجسد غدا مع خالص ناطقا بما ارتسم عليه، لكأنه يدعو للخلود، وهو ما عنته فكرة رفض دفن الجسد والتعايش معه حبا لجسد آخر، يستحق أن نحبه بحب ما تولد عنه رفضا لكل أعراف الدفن والنسيان، الذي كان مرادفا خفيا لهذا التمرد الجميل، وما محاولة فك رموزه إلا عودة عميقة لأصول الوجود، بكل جراحاته التي تتطلب صبرا وسبرا للخفي في التاريخ وجغرافية المضمر، خوفا وخجلا من التمثلات المكونة عنه، في وعينا الجماعي، وربما حتى السيكولوجي.