“خبز وحشيش وسمك”

خبز وحشيش

سيرة ذاتية لمدينة آسفـي
صدرت رواية “خبز وحشيش وسمك” لصاحبها عبد الرحيم لحبيبي عن أفريقيا الشرق عام 2008. وتعد هذه الرواية، التي تضم بين دفتيها 231 صفحة من الحجم المتوسط، سيرة ذاتية لمدينة آسفي، هذه المدينة التي تتحدث عنها الرواية بلغة الحلم والعشق والنوستالجيا.

عمد الكاتب في هذه الرواية إلى تسجيل تاريخ المدينة الحديث بنفس روائي جميل ولغة راقية شفافة وسلسة، فتوقف عند الأمكنة التي تشكل هوية المدينة ورمزيتها من قبيل السوينية والشعبة وسيدي بوالذهب وغيرها، كما أثث نصه الجميل بأناس المدينة وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الصامتة، فصور طموحاتهم وآمالهم و كبواتهم و أحلامهم المجهضة.. وأنت تقرأ الرواية أبدا لا يمكن سوى أن تصدق بأن الشخوص هي شخوص حقيقية وواقعية، عاشت في مدينة آسفي والتحمت معها التحاما صوفيا يصل إلى حدود الحلول.
في الرواية نرصد النضالات السياسية التي قادتها الفئة المثقفة الملتحمة بالطبقة الشعبية المسحوقة، ونقف على قسوة المخزن “النظام” ووحشيته وقمعه وإحباطه لكل حلم مشروع في إقامة نظام ديقراطي، يؤسس لتداول سلمي على السلطة وتوزيع عادل للثروات، لتكون الرواية بذلك ليست سيرة ذاتية لآسفي فحسب، بل للمغرب عامة.
في الرواية نتلصص على شخوص تمتاز بعمقها الشعبي، من قبيل المدعو “الحامض” و”با صطوف” وغيرهما، نترصدهم وهم يقتنصون لذاتهم الصغيرة نكاية في الساسة والمخزن، من خلال اعتكافهم على الحشيش والسمك والنساء، والتخطيط – في نفس الوقت للنضال ضد المخزن وزبانيته، يقول السارد عن الحامض “الحامض هذا اسمه أو كنيته أو لقبه العائلي، لا أحد يعرف له اسما غير هذا… يتراقص في حركاته ويميس ويبتسم، ويحرك حاجبيه، يدير عينيه في محجريهما، يطبق جفنيه ثم يفتحهما، تتلبسه روح شهوانية واعدة بالأريحية والبساطة والدعوة الكريمة لموعد ما”..
أما عن با صطوف فيقول “كان با صطوف يقلب بين يديه ربطة الكيف كعيار محترف ويشمها.. أزال عنها الورقة بأناة وتؤدة، كأنه يخلع ملابس غادة فاتنة، برزت سنابلها الخضراء يانعة شامخة مكتنزة”.
إن رواية “خبز و حشيش و سمك” تعد بحق ملحمة مدينة آسفي أو “الكيت كات” على الطريقة المغربية.

لحبيبي للنشر

– روائي مغربي من مواليد أسفي عام 1950.
– رحل إلى مدينة فاس عام 1967 حيث حصل على الإجازة في اللغة العربية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سنة 1970.
– عمل أستاذا للغة العربية وآدابها بالتعليم الثانوي من العام 1970 إلى 1982 ومفتشا تربويا ومنسقا للبرامج الدراسية من 1984 إلى أن أختار المغادرة الطوعية مؤخرا.
– أصدر ثلاث روايات: “خبز وحشيش وسمك” (2008)٬ “سعد السعود” (2010) و”تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية” 2013، التي رشحت للقائمة القصيرة لجائزة الرواية العربي “البوكر”.

يقول لحبيبي عن روايته “خبز وحشيش وسمك”: “لقد تجنبت، في عنونتها، الترتيب التقليدي للطعام خبز وسمك ثم الحشيش وهذا ترتيب يقتضيه تناول الطعام ثم التدخين بعد ذلك، وإنما كان القصد ترتيبا يجعل من الحشيش مكونا أساسيا سواء مع الخبز والسمك. واستثمرت فيها تاريخ مدينة آسفي بتاريخها الشاهد على ظلم الأسياد والمجاعات والأوبئة وأقبية السجون والمعتقلات. تاريخ العذابات التي ردّدتها سرّابات العيطة ومواويل مبحوحة ظلت دائما تمثل الفن الرافض في مواجهة العادات والتقاليد المحافظة، فن شعبي نرفضه علنا ونموت في حبه سرا، فضلا عن دورها التاريخي والحضاري الذي تمثل في سير الأولياء والصالحين ورجال العلم والتصوف على طول ساحل المدينة”.
وعن سلبية بعض شخوص روايته الأولى يقول: “المناخ السياسي المؤطر للرواية تخيّم عليه أجواء السبعينات أو ما سمي بسنوات الرصاص: الاعتقال السياسي والحظر والمحاكمات.. فهل يطلب من شخصيات كالحامض وكبور الشكالي والصديق وأبا صطوف.. أن تدّعي بطولة لا تملكها؟ أن تحارب طواحين الهواء، أن يتحوّل الحامض إلى دون كيشوت أو يقود جلال -بين عشية وضحاها- سكان الحي بعد فشل في الانتخابات بسبب التزوير، إلى اعتصام أو مظاهرة؟.. لقد عرفت سنوات الرصاص شيئا من هذا، لكنه كان محدودا ومحصورا في نطاق معيّن، أما بقية الناس، فقد أرجأت أمرها إلى السماء، ولكن دون أن تفقد الأمل أو تستكين أو تبيع أرواحها للشيطان”.
ويضيف لحبيبي قائلا: “إن الصمود والثبات على المبدإ والأمل في المستقبل هي أسلحة المستضعفين من أمثال سكان “السوينية”، وكذلك “الحامض” المنحدر من قبيلة عانت الويلات من بطش وظلم القائد التاريخي عيسى بن عمر. الصمت قد يكون أبلغ من الكلام والضوضاء والضجيج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *