سيمفونية الأرض والحياة في رواية “رماد الشرق”

 

الشرق1

منذ رواية “سوناتا لأشباح القدس” يلاحظ قارئ واسيني الأعرج تحولا في تجربته الروائية يتمثل في الخروج بمتونه من الفضاء الجزائري، والاهتمام أكثر بالقضايا العربية.
رواية “رماد الشرق: الذئب الذي نبت في البراري”، تؤكد هذا التوجه.
تحضر تحولات الشرق في بداية القرن الماضي بقوة في رواية “رماد الشرق: الذئب الذي نبت في البراري”، ويستثمر الأعرج التاريخ العربي من سايكس بيكو إلى نكبة فلسطين وغيرها، عبر بعض شخوصه مثل يوسف العظمة والأمير عبد القادر الجزائري والملك فيصل ولورانس العرب واللنبي وغيرهم، وتتحول فلسطين لديه إلى موضوع روائي، ويبقى السؤال الذي يطرح بإلحاح: هل نحن أمام رواية تاريخية؟

الشرق2

تعود الرواية – عبر ذكريات “بابا شريف” – إلى الجذور الأولى للمأساة الفلسطينية، وتضعنا أمام كم لا يستهان به من الحقائق التاريخية، تواريخ وأحداث وشخصيات ومواقف أثثت الرواية بشكل رسّخ “أقدامها” في تربة التاريخ.
تحاول رواية الأعرج أن تكشف أسرار اللعبة التاريخية وعبث الإنسان بالتاريخ، وعبر شخصية “بابا شريف” ننتبه إلى ضرورة قراءة التاريخ في سياقه الذي أنتجه، لا بعيون الحاضر.

وحرص واسيني الأعرج في “رماد الشرق” على ضخ الحياة في جسد الماضي ليغدو حيا ومتحركا، ونابضا بالعواطف والمشاعر. وعبر رمزية “الصندوق” يقوم “بابا شريف” باستخراج صور قديمة، ليحكي عنها، وعن الوجوه التي ظلت تقاوم خريف الذاكرة، ليجعلنا نسمع احتراقاتها الداخلية.
“لا تنسى الرواية أن التاريخ في وجه من وجوهه -وبعيدا عن صرامته- هو تاريخ الإنسان، فاحتفت كثيرا بعشقه للحياة والفن، وبتطلعه إلى مستقبل أفضل “هذه قدس الجميع، قدسي أنا، كما أعشقها وأشتهيها”
تؤكد الرواية -من خلال قدرتها على استكناه روح الإنسان والمكان- على أن الروائي وحده من يتعاطى مع التاريخ بوصفه قطعة من وجود حي، ومتدفق بدماء دافئة، فهو -التاريخ- داخل “رماد الشرق” يتوقف عن كونه مجرد متحف يأوي الآثار الباردة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *