يوسف كرماح
وقع المبدع عبد النور مزين الطبعة الثانية من روايته “رسائل زمن العاصفة” بمكتبة الأعمدة العريقة بطنجة مساء يوم السبت 12/03/2016، في أجواء حميمة مشحونة بالمناقشة والتفاعل الذي حركه الجمهور بحماسة وجعل عبد النور مزين يتسلح برد بليغ يعطي انطباعا بأن الرجل يتحدث بنفس الشاعرية التي يكتب بها، مستهلا حديثه بالمخاض الذي مرت منه الرواية قبل أن تصل إلى القارئ وتحظى بثقة لجنة أحد أقوى الجوائز العربية، وكذا اللمسة السحرية التي جعلتها تتألق كرد على سؤال أحد الحضور الذي عبر عنه عبد النور مزين كون الرواية تؤرخ لمرحلة لم يتم منحها حقها كما يستحق، زمنا لم يكن يتوفر على آليات التعبير بحرية وبنفس الإمكانيات التي يحظى بها العالم التواصلي اليوم.
كما أعرب عن الدور الفعال للرواية في إعادة رسم ملامح تلك الفترة التي تسمى بالجمر والرصاص للأجيال المقبلة، في قالب أدبي رائق يعالج القضية بسحرية فنية مثيرة، فضلا عن رسمه أيضا لملامح ذاكرة الأماكن، كالسكة الحديدية والشاطئ الذي يعاد هيكلته في إطار مجموعة من المشاريع التي تشهدها مدينة طنجة، ونقل فضاءات كابن أحمد في شفشاون وأحياء الرباط وغرناطة في إسبانية بدقة عالية كما لو كان يصور فيلما وثائقيا، وذلك في حيادية صارمة وحادة، تشهد بموت الكاتب وتعتبر أن الرواية أصبحت ملكا للقاري وما الكاتب إلا قارئا مثل كل القراء، انتهت علاقته بالرواية حين داعبتها أنامل الطباعة والنشر.
لكن رمزية الكلب في الرواية استحوذت على نصيب الأسد في النقاش وأخذت أبعادا متشعبة وأثارت جدلا عميقا، متأرجحة بين الرمزية المدافعة عن حرمة البيت وبالتالي الوطن، وبين رمزية التحقير لما يحمل الكلب من دلالات ساخرة وتحقيرية. فضلا على أن أسئلة أحد المتدخلين من الحضور ألهبت شحنة النقاش بالنبش في معاناة سنوات القمع، ما جعل عبد النور مزين يؤكد بأن هذا الزمن أوفر حظا فيما يتعلق بالحرية والتعبير، لأنه زمن المواصلات والتواصل الالكتروني الذي يطوي مسافات بعيدة، وبات بإمكان أي أحد التعبير عما يؤرقه بكبسة زر ويخلق الحدث بالتفاعل مع المحيط الإلكتروني.